فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إسْلاَمِ الرَّجُلِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ هَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مَوْلًى لَهُ أَوْ لاَ يَكُونُ بِذَلِكَ مَوْلًى لَهُ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُوَالاَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الضِّيَافَةِ مِنْ إيجَابِهِ إيَّاهَا وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ جِئْت أَنَا وَصَاحِبٌ لِي قَدْ كَادَتْ تَذْهَبُ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنْ الْجُوعِ فَجَعَلْنَا نَتَعَرَّضُ لِلنَّاسِ فَلَمْ يُضِفْنَا أَحَدٌ فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ بِنَا جُوعٌ شَدِيدٌ فَتَعَرَّضْنَا لِلنَّاسِ فَلَمْ يُضِفْنَا أَحَدٌ فَأَتَيْنَاك فَذَهَبَ بِنَا إلَى مَنْزِلِهِ وَعِنْدَهُ أَرْبَعَةُ أَعْنُزٍ فَقَالَ يَا مِقْدَادُ اُحْلُبْهُنَّ وَجَزِّئْ اللَّبَنَ لِكُلِّ اثْنَيْنِ جُزْءًا‏.‏

وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ قَدِمْت الْمَدِينَةَ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ‏;‏ لأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لاََنْكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ‏.‏

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ‏.‏

وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَإِنَّهُ دَيْنٌ إنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ‏,‏ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مَنْصُورٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إثْبَاتُهُ وُجُوبَ الضِّيَافَةِ وَجَعْلُهُ إيَّاهَا دَيْنًا عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ قَالَ‏:‏ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ أَيْضًا فِي تَوْكِيدِ وُجُوبِهَا مَا يَزِيدُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ‏:‏ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّك تَبْعَثُنَا فَنَمُرُّ بِقَوْمٍ قَالَ إنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا‏,‏ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُؤْبَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ أَيُّمَا رَجُلٍ أَضَافَ قَوْمًا فَلَمْ يُقْرُوهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّمَا ضَيْفٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ قِرَاهُ وَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى إيجَابِهَا‏,‏ وَأَنَّهَا تَكُونُ لأَهْلِهَا دَيْنًا عَلَى مَنْ حَلُّوا بِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ سِوَاهَا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ كُلَّ ضَيْفٍ مِنْ هَذَيْنِ الضَّيْفَيْنِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الضَّيْفِ الآخَرِ مِنْهُمَا‏,‏ وَيَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ عَلَى ضَيْفٍ قَدْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَعَوَّضَ مِنْ الضِّيَافَةِ غَيْرَهَا بِابْتِيَاعِ مَا يُغْنِيهِ عَنْهَا بِمَا مَعَهُ مِمَّا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ يَسْأَلَ إنْ كَانَ لاَ شَيْءَ مَعَهُ حَتَّى يَصِلَ بِمَسْأَلَتِهِ إلَى ذَلِكَ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الأَحْسَنُ بِمَنْ نَزَلَ بِهِ أَنْ يَكْفِيَهُ ذَلِكَ‏,‏ وَأَنْ يَمْتَثِلَ فِي أَمْرِهِ مَا قَدْ أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إكْرَامِهِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَيَكُونُ مَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمِقْدَامِ عَلَى الْمَارِّينَ بِقَوْمٍ فِي بَادِيَةٍ لاَ يَجِدُونَ مِنْ ضِيَافَتِهِمْ إيَّاهُمْ بَدَلاً وَلاَ يَجِدُونَ مَا يَبْتَاعُونَهُ مِمَّا يُغْنِيهِمْ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ وَجْهٌ غَيْرُ وَجْهِ الْحَدِيثِ الآخَرِ‏.‏

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ يَحْتَلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُحْمَلَ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلاَ يَحْتَلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ امْرِئٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ أَنْ يَأْخُذَ عَصَا أَخِيهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ قَالَ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، تَعَالَى، عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ قَالَ‏:‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنْ لَقِيتُ غَنَمَ ابْنِ عَمِّي آخُذُ مِنْهَا شَيْئًا‏؟‏ فَقَالَ إنْ لَقِيتهَا تَحْمِلُ شَفْرَةً‏,‏ وَأَزْنَادًا بِخَبْتِ الْجَمِيشِ فَلاَ تُهِجْهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِيمَا رَوَيْنَا إثْبَاتُ تَحْرِيمِ مَالِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يُخَالِفُ هَذَا فَذَكَرَ مَا قَدْ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ أَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى حَائِطٍ فَلْيُنَادِ صَاحِبَهُ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا فَلْيَأْكُلْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْسِدَ وَإِذَا أَتَى عَلَى غَنَمٍ فَلْيُنَادِ رَاعِيَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا فَلْيَشْرَبْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْسِدَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ‏:‏ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ بَلْ قَدْ وَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُخَوَّلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُصْمَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ إذَا أَرْمَلَ الْقَوْمُ فَصَبَّحُوا الإِبِلَ فَلْيُنَادُوا الرَّاعِيَ ثَلاَثًا فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا الرَّاعِيَ وَوَجَدُوا الإِبِلَ فَلْيَنْضَحُوا لَبَنَ الرَّاوِيَةِ إنْ كَانَ فِي الإِبِلِ رَاوِيَةٌ وَلاَ حَقَّ لَهُمْ فِي نَفْسِهَا‏,‏ فَإِنْ جَاءَ الرَّاعِي فَلْيُمْسِكْهُ رَجُلاَنِ وَلاَ يُقَاتِلُوهُ وَلْيَشْرَبُوا فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ دَرَاهِمُ فَهُوَ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ إِلاَّ بِإِذْنِ أَهْلِهَا‏.‏

قَالَ‏:‏ فَهَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا مَشْكُوكٌ فِيهِ هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ‏؟‏‏,‏ وَقَدْ وَجَدْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُصْمَةَ هَذَا مَرْفُوعًا فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ إيَّاهُ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصُّبَاحِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُصْمٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ‏:‏ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَحِلَّ صِرَارَ نَاقَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ أَهْلِهَا فَإِنَّهُ خَاتَمُهُمْ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُصْمَةَ الَّذِي سُمِّيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُوهُ مَكَانَ عُصْمَةَ عُصْمًا مَرْفُوعٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَأَنَّهُ عَلَى الإِرْمَالِ لاَ عَلَى الْوُجُودِ‏.‏

وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبْنَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كُنْت مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي سَفَرٍ فَآوَانَا اللَّيْلُ إلَى قَرْيَةِ دِهْقَانَ‏,‏ وَإِذَا الإِبِلُ عَلَيْهَا أَحْمَالُهَا فَقَالَ لِي سَعْدٌ إنْ كُنْت تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مُسْلِمًا حَقًّا فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا فَبِتْنَا جَائِعَيْنِ فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ سَعْدٍ رضي الله عنه يَدُلُّ عَلَى أَنَّ امْتِثَالَهُ مِنْ حَقَائِقِ أُمُورِ الإِسْلاَمِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى أَهْلِهِ التَّمَسُّكُ بِهَا وَتَرْكُ خِلاَفِهَا هُوَ مَا يَفْعَلُهُ‏,‏ وَأَمَرَ بِهِ مَوْلاَهُ مِمَّا ذَكَرْنَا‏,‏ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي قَرْيَةٍ لاَ فِي بَادِيَةٍ فَكَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ عَلَى أَحْكَامِ الْقُرَى وَلَيْسَ عَلَى أَحْكَامِ مَا سِوَاهَا مِنْ الْبَوَادِي وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا أَوْ لأَهْلِ الْكِتَابِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لأَهْلِ الْكِتَابِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد اللَّاحِقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَجَلِيُّ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ أَسْلَمَ أَعْرَابِيٌّ فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إذْ دَخَلَ خُفَّ بَعِيرِهِ فِي جُحْرِ ضَبٍّ فَوَقَصَهُ فَمَاتَ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا فَعَلَ الأَعْرَابِيُّ فَأُخْبِرَ خَبَرَهُ فَقَالَ رحمه الله عَمِلَ قَلِيلاً وَيُعَمَّرُ طَوِيلاً اذْهَبُوا بِهِ فَاحْفِرُوا لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ نَشُقُّ لَهُ أَوْ نَلْحَدُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَلْحِدُوا لَهُ‏,‏ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلْحِدُوا وَلاَ تَشُقُّوا فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا وَالشَّقَّ لِغَيْرِنَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم هَذَا فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلاً أَنْ يَكُونَ اللَّحْدُ لَنَا أَيْ أَنَّهُ الَّذِي نَعْرِفُهُ‏;‏ لأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ غَيْرَهُ وَالشَّقُّ لأَهْلِ الْكِتَابِ أَيْ‏:‏ لأَنَّهُ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهُ لاَ يَعْرِفُونَ غَيْرَهُ‏,‏ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ أَنْبِيَاءُ صلوات الله عليهم وَكَانُوا فِي أَيَّامِهِمْ عَلَى ذَلِكَ‏,‏ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ، تَعَالَى، نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِالاِقْتِدَاءِ بِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الأَنْبِيَاءِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ‏}‏ فَكَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الاِقْتِدَاءُ بِهِمْ حَتَّى يَنْسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ شَرِيعَتَهُمْ بِمَا نَسَخَهَا بِهِ فَصَارَ اللَّحْدُ وَالشَّقُّ جَمِيعًا مِنْ سُنَنِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يُنْهَوْا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّ اللَّحْدَ أَوْلاَهُمَا‏;‏ لأَنَّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَأُلْحِدَ لَهُ وَلَمْ يُشَقَّ لَهُ‏.‏

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الشَّقِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ نَهْيٌ مَا قَدْ رُوِيَ مِمَّا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادُوهُ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد‏,‏ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالاَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَيْنُونِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ رَجُلٌ يَلْحَدُ وَرَجُلٌ يَضْرَحُ فَقَالُوا نَسْتَخِيرُ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، وَنُرْسِلُ إلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سَبَقَ تَرَكْنَاهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّحْدَ وَالشَّقَّ قَدْ كَانَا يُسْتَعْمَلاَنِ جَمِيعًا وَبَانَ بِمَا اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اللَّحْدِ عَلَى الشَّقِّ فَضْلُ اللَّحْدِ عَلَى الشَّقِّ‏.‏

وَإِنْ قَالَ‏:‏ قَائِلٌ فَفِي مَا قَدْ رَوَيْتُمْ فِي خَبَرِ الأَعْرَابِيِّ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالُوا لَهُ‏:‏ أَنَلْحَدُ لَهُ أَوْ نَشُقُّ‏؟‏ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَلْحِدُوا لَهُ وَفِي حَدِيثِ قَيْسٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْتُمُوهُ أَيْضًا وَلاَ تَشُقُّوا فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الشَّقِّ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ‏:‏ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الشَّقِّ‏;‏ لأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَكِنَّهُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الأَفْضَلِ وَالأَخْذِ بِمَا هُوَ دُونَهُ‏,‏ فَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ بِمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اخْتِيَارِهِمْ لَهُ اللَّحْدَ عَلَى غَيْرِهِ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا رضي الله عنه قَالَ‏:‏ أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الآُوَيْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَبِي عَسِيبٍ قَالَ‏:‏ لَمَّا وُضِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَحْدِهِ قَالَ‏:‏ الْمُغِيرَةُ‏:‏ إنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ قِبَلِ قَدَمَيْهِ لَمْ يُصْلِحُوهُ قَالُوا‏:‏ اُدْخُلْ فَأَصْلِحْهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَّ قَدَمَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ فَأَهَالُوهُ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ نِصْفَ سَاقَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَنَا أَحْدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أَبِي عَسِيمٍ قَالَ‏:‏ شَهِدَ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْبَيْكَنْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْحِمَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ وَمَنْزِلُهُ فِي بَنِي حُجْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ أُخِذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَأُلْحِدَ لَهُ وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ‏:‏ كُنْت فِيمَنْ حَفَرَ قَبْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ لَحْدُهُ أَلْفَيْت شَيْئًا فِي الْقَبْرِ فَنَزَلْت فَوَضَعْت يَدِي عَلَى اللَّحْدِ فَأَنَا آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أُبَيٌّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ‏:‏ خَرَجْت مَعَ عَمِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مُعْتَمِرًا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالُوا‏:‏ إنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ كَذَبَ آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُثَمُ بْنُ عَبَّاسٍ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ لُحِدَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَبِي بَكْرٍ وَلِعُمَرَ رضي الله عنهما‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ‏,‏ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما‏,‏ قَالَ‏:‏ لُحِدَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَلأَبِي بَكْرٍ‏,‏ وَلِعُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ الشَّقَّ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ‏,‏ وَإِنْ كَانَ اللَّحْدُ أَفْضَلَ مِنْهُ لاِخْتِيَارِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، إيَّاهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَدْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ لأَهْلِ بَدْرٍ أَنَّ اللَّهَ عَتَبَهُمْ مِمَّا اخْتَارَهُ لَهُمْ مِنْ اللَّحْدِ عَلَى الشَّقِّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ رضي الله عنهم وَسَوَّى لَحْدَهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ هُوَ الَّذِي سَوَّى لُحُودَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ جَرِيرٍ فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيّ قَالَ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَذْكُرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَسَانِيدِ أَنَّ عَبْدَ الأَعْلَى صَاحِبَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ ابْنُهُ هُوَ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَمِقْدَارُهُ فِي الْعِلْمِ جَلِيلٌ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي الشَّقِّ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهَارُونُ بْنُ كَامِلٍ جَمِيعًا قَالاَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الشَّقِّ فِي الْقَبْرِ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا‏.‏

فَفِي مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي هَذَا مَا قَدْ وَافَقَ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الشَّقِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إبَاحَتِهِ‏,‏ وَإِنْ كَانَ اللَّحْدُ أَفْضَلَ مِنْهُ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوَلاَءِ بِالْمُوَالاَةِ

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ عَدْلاً وَلاَ صَرْفًا‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبِيدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي الأَعْمَشَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَلَّى الرَّجُلَ فَيَكُونَ بِذَلِكَ مَوْلًى بَعْدَ قَبُولِهِ ذَلِكَ مِنْهُ‏;‏ لأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَهُ أَنْ يَتَوَالاَهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ وَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا مَوَالِيَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِإِذْنِهِمْ إيَّاهُ بِذَلِكَ وَبِإِطْلاَقِهِمْ إيَّاهُ لَهُ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَوْلًى لَهُمْ بِخِلاَفِ الْعَتَاقِ‏;‏ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْلًى لَهُمْ بِعِتَاقِهِمْ إيَّاهُ لَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُمْ وَلاَ أَنْ يَكُونَ مَوْلًى لأَحَدٍ سِوَاهُمْ أَذِنُوا لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْذَنُوا لَهُ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ‏:‏ لَهُمْ اذْهَبُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَ هَذَيْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَرْوَى ابْنَةِ أُوَيْسٍ فَذَهَبْنَا فَقُلْنَا‏:‏ مَالَك وَلِهَذِهِ الْمَرْأَةِ‏؟‏ فَقَالَ أَتَرَوْنَنِي أَخَذْت مِنْ حَقِّ هَذِهِ الْمَرْأَةِ شَيْئًا وَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ وَمَنْ اقْتَطَعَ مِنْ مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَلاَ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ تَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ تَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِإِذْنِ أَهْلِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ وَكَمَا ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا وَمَنْ تَوَلَّى مَوْلًى بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ قَالَ فَكَانَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِإِذْنِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ وَقَالَ لاَ يَتَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِمْ قَالَ وَوَجَدْت فِي صَحِيفَتِهِ وَلُعِنَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنْ لاَ يَتَوَلَّى مَوْلًى قَوْمًا إِلاَّ بِإِذْنِهِمْ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُمْ بِإِذْنِهِمْ‏,‏ وَكَانَ فِي هَذِهِ الآثَارِ كُلِّهَا إثْبَاتُ الْوَلاَءِ قَبْلَ هَذَا التَّوَلِّي عَلَى الْمُتَوَلَّى بِقَوْمٍ آخَرِينَ‏.‏

فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَلَّى الرَّجُلَ بِمُوَالاَتِهِ إيَّاهُ وَبِقَبُولِ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ ذَلِكَ مِنْهُ وَفِي ذَلِكَ إطْلاَقُ وُجُوبِ الْوَلاَءِ بِغَيْرِ الْعَتَاقِ كَمَا يَقُولُ الْعِرَاقِيُّونَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ عَارَضَهُمْ مُعَارِضٌ مِنْ الْحِجَازِيِّينَ فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي أَسَانِيدِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِمَّا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، تَعَالَى، فَكَانَ مِنْ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِمُخَالِفِيهِ فِيهِ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ مَقْصُودٌ بِهِ إلَى الْوَلاَءِ بِالْعَتَاقِ لاَ إلَى الْوَلاَءِ بِمَا سِوَاهُ وَقَدْ وَجَدْنَا الشَّيْءَ يُقْصَدُ إلَيْهِ بِمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ‏,‏ وَلاَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ سِوَاهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ‏.‏

مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآيَةَ‏.‏

فَكَانَ ذَلِكَ نَفْيًا مِنْهُ أَنْ يَكُونَ تِلْكَ الصَّدَقَاتُ وَهِيَ الزَّكَوَاتُ لِسِوَى مَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ صَدَقَاتٌ سِوَى الزَّكَوَاتِ لِقَوْمٍ آخَرِينَ سِوَى الأَصْنَافِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ‏,‏ وَهِيَ الصَّدَقَاتُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضِ مِمَّنْ لَيْسَ بِفَقِيرٍ وَلاَ بِمِسْكِينٍ وَلاَ مِنْ صِنْفٍ مِنْ الأَصْنَافِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ وَكَانَ مَا فِي هَذِهِ الآيَةِ عَلَى الزَّكَوَاتِ خَاصَّةً وَكَانَ مَا سِوَاهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ بِخِلاَفِهَا‏,‏ وَلأَهْلٍ سِوَى أَهْلِهَا فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْوَلاَءِ إنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ هُوَ عَلَى الْوَلاَءِ بِالْعَتَاقِ وَلاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ وَلاَءٌ سِوَاهُ وَهُوَ الْوَلاَءُ الَّذِي قَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَحَادِيثِ عَلِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضوان الله عليهم بِالْمُوَالاَةِ‏,‏ وَتَصْحِيحُ أَحَادِيثِ عَلِيٍّ وَسَعِيدٍ وَجَابِرٍ رضوان الله عليهم عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْوَلاَءَ قَدْ يَكُونُ بِالْمُوَالاَةِ‏,‏ وَأَنْ يَكُونَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَلاَئِهِ عَنْ مَنْ كَانَ مَوْلًى لَهُ بِهَا إلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ بِإِذْنِ مَنْ يَنْتَقِلُ بِهِ عَنْهُ وَبِإِذْنِ مَنْ يَنْتَقِلُ بِهِ إلَيْهِ‏.‏

وَأَنْ لاَ يَكُونَ مَوْلًى لِمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إِلاَّ بِهَذِهِ الثَّلاَثَةِ الأَشْيَاءِ لاَ بِدُونِهَا وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رحمهم الله يَذْهَبُونَ إلَى وُجُوبِ الْوَلاَءِ بِالْمُوَالاَةِ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ‏,‏ وَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَنْقُلَ وَلاَءَهُ إلَى مَنْ شَاءَ نَقْلَهُ إلَيْهِ رَضِيَ مَوْلاَهُ الأَوَّلُ بِذَلِكَ أَوْ كَرِهَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَقَلَ عَنْهُ جِنَايَةً جَنَاهَا فَإِنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي قَوْلِهِمْ أَنْ يَنْقُلَ وَلاَءَهُ عَنْهُ عَلَى حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ‏,‏ وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ بَيَّنَّا مَعَانِيَهُ وَكَشَفْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِمَّا قَالُوا فِيهِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلٍ وَلاَ فِي فِعْلٍ إِلاَّ فِيمَا أَبَانَهُ اللَّهُ، تَعَالَى، بِهِ مِنْ سَائِرِ أُمَّتِهِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ فِيهِ خِلاَفَ أَحْكَامِهِمْ فِيهِ وَلَيْسَ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ ذِكْرُ عَقْلِ جِنَايَةٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لاَ مَعْنَى لِمُرَاعَاةِ عُقُولِ الْجِنَايَاتِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إسْلاَمِ الرَّجُلِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ هَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مَوْلًى لَهُ أَوْ لاَ يَكُونُ بِذَلِكَ مَوْلًى لَهُ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُوَالاَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ

ثنا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ‏,‏ وَأَبُو أَيُّوبَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الطَّبَرَانِيُّ قَالاَ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت تَمِيمًا الدَّارِيَّ قَالَ‏:‏ سَأَلْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ فَقَالَ‏:‏ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ سَأَلْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ لَنَا فَهْدٌ فَقُلْتُ لأَبِي نُعَيْمٍ لَمَّا حَدَّثَنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ فِيهِ بَيْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ وَبَيْنَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَحَدًا إنَّ أَبَا مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَدْخَلَ بَيْنَهُمَا قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْرَزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَوْهَبٍ يُحَدِّثُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ‏,‏ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ وَلَمْ يَقُلْ ابْنَ وَهْبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ‏:‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ الرَّجُلُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُسْلِمُ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ‏.‏

قَالَ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ هَذَا إثْبَاتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ إسْلاَمَ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ يُوجِبُ لَهُ أَنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ فَتَعَلَّقَ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَأَثْبَتُوا بِهِ الْوَلاَءَ لِلَّذِي كَانَ الإِسْلاَمُ عَلَى يَدِهِ مِنْ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَجَعَلُوهُ بِهِ مَوْلاَهُ وَوَرَّثُوهُ مِنْهُ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ‏:‏ شَهِدْت عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِذَلِكَ يَعْنِي مَا فِي حَدِيثِهِ هَذَا فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالاً وَابْنَةً فَأَعْطَى الْبِنْتَ النِّصْفَ‏,‏ وَاَلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ الْبَقِيَّةَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَمِنْهُمْ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إذَا جَاءَ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ مُسْلِمٍ بِأَرْضِ عَدُوٍّ أَوْ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ فَمِيرَاثُهُ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ‏.‏

وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ‏:‏ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ قَوْمٍ ضَمِنُوا جَرَائِرَهُ وَحَلَّ لَهُمْ مِيرَاثُهُ وَذَهَبَ آخَرُونَ وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ رحمهم الله سِوَاهُمْ إلَى أَنَّ إسْلاَمَ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ لاَ يُوجِبُ لَهُ وَلاَءَهُ حَتَّى يُوَالِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونَ بِذَلِكَ مَوْلاَهُ كَمَا يَكُونُ مَوْلاَهُ لَوْ وَالاَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ هَذَا وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الذُّهْلِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ فَوَالَى رَجُلاً هَلْ بِذَلِكَ بَأْسٌ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِهِ قَدْ أَجَازَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إثْبَاتُ الْوَلاَءِ بِالْمُوَالاَةِ لاَ بِالإِسْلاَمِ قَبْلَهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ بِلاَ مُوَالاَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِ إيَّاهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ‏.‏

فِي أَنْ لاَ يُوَالِيَ غَيْرَهُ‏,‏ وَأَنْ يَكُونَ يَقْصِدُ بِمُوَالاَتِهِ إلَيْهِ إذَا كَانَ اللَّهُ، تَعَالَى، هَدَاهُ عَلَى يَدِهِ‏,‏ وَأَرْشَدَهُ بِتَسْدِيدِهِ إيَّاهُ إلَى الدِّينِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إلَى التَّعَارُفِ إذْ كَانَ اللَّهُ، تَعَالَى، جَعَلَهُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِيَتَعَارَفُوا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ فَكَانُوا بِشُعُوبِهِمْ وَبِقَبَائِلِهِمْ يَتَعَارَفُونَ لاَ بِمَا سِوَاهَا فَكَانَ مَنْ أَسْلَمَ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ شَعْبٍ مِنْ تِلْكَ الشُّعُوبِ أَوْ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْقَبَائِلِ حَتَّى يُنْسَبَ إلَى مَنْ يَكُونُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَيُعْرَفَ بِهِ كَمَا قَدْ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ فِيمَا سَمِعْت بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ يَقُولُ‏:‏ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ أَتَيْت أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله فَقَالَ لِي مِمَّنْ الرَّجُلُ‏؟‏ فَقُلْت رَجُلٌ مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِالإِسْلاَمِ فَقَالَ لِي لاَ تَقُلْ هَكَذَا وَلَكِنْ وَالِ بَعْضَ هَذِهِ الأَحْيَاءِ ثُمَّ انْتَمِ فَإِنِّي أَنَا كُنْتُ كَذَلِكَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمْ يَسْمَعْ بَكَّارَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ الْمُقْرِئِ وَلَكِنْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيَّ قَالَ سَمِعْت الْمُقْرِئَ يَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَبِمَمَاتِهِ أَيْ بِأَنْ يُوَالِيَهُ فَيَكُونَ بِذَلِكَ مَوْلاَهُ إذْ لاَ أَحَدَ أَوْجَبَ حَقًّا عَلَيْهِ مِنْهُ وَهَذَا كَلاَمٌ عَرَبِيٌّ يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُونَ بِهِ مِنْ الْعَرَبِ مِمَّنْ خَاطَبَهُمْ بِهِ مِنْ الْعَرَبِ كَمِثْلِ مَا قَدْ فَهِمَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ فِي كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ} أَنَّ مُرَادَهُ عَزَّ وَجَلَّ إذَا حَلَفْتُمْ فَحَنِثْتُمْ لاَ مَا سِوَى ذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏